اريد مساحة اكبر .. متنفسٌ اعمق .. صفحة متسعة اكثر .. لأبدي بها سوء خربشاتي ..
لملمت كل آمالي .. و جهزت جميع الحاجيات اللازمة لهذا المشوار المصيري .. حتى الامل .. ابقيته في احشائي بكميات متضاعفة .. حتى لا يشعر بالهوان عند اول صفعة .. و يهوي على الارض خائب الرجاء .. كسير الحال .. !
الا ان يتبدد الامل .. و يحل بدلا عنه يأس .. لا يبرح مكانه في نفسي .. لا ينفك يشعرني بسوء .. و ضيقة .. و تعاسة حظ !
ليلة البارحة لم استطيع بها النوم مطلقا .. افكر بكل الجهد الذي بذلته و المقابل الذي حصدته و اتسائل .. كيف هي السعادة الحقيقية ؟ ما هي السعادة الحقيقية ؟ هل هي امتلاك الانسان لهدف محدد يسعى له بكل ما يجتاحه ضميره من اصرار ؟ .. ام بأن يكون الانسان بلا اهداف .. حتى لا يدرك حقيقة الاحباط الشديد .. ان حصل و انفجرت امامه كل آماله بطرفة عين .. ام هي شيئا لا يمت بصلة بكل ما ذكرته .. !
آمنت مسبقا .. بأن كل حادث لابد و ان تسبقه اشارات سواء كانت واضحة ام ضمنية تنوه لي عما سيقع .. في كل مرة كانت تأتيني الاشارات بصورة مختلفة تجبرني على تعقبها .. البحث عنها .. استنتاجها في منتصف الحوار .. سرقتها من نظرات البشر .. !
اركض خلفها في ازقة الترقب بــ لثام يخفي عنها تحركاتي الدقيقة .. اسير ورائها متخفية بــ لباس يستر فضولي لأدراكها .. و هي تعمد على التلون بمختلف انوع الهروب المتوفرة ..
سمعت اصوات ضحكاتهم تتعالى .. اقتربت اكثر .. قذفت رأسي من حافة ذلك الممر الموحش عليهم .. و اثر الدخان و المطر لا يزالان باقيان ..
رأتهم هناك مجتمعين .. حول نار توقدت بــ قدري .. و كل واحدة منهم تطلب الاخرى بأن تأتيها بحكاية تخصني .. اطلقت الاشارة الاولى ضحكة ساخرة .. لتقول لهم واثقة .. بأنها علمتني سرعة اليأس بعد الامل .. و الحزن بعد الفرج .. و الاحباط بعد سعادة بالغة .. لتقوم و تقذف شيئا من اصراري هناك .. في النار المشتعلة .. يتلوى امام ابصارهم الماكرة .. طالبا الاستغاثة من ساديتهم القاذفة !
و تهب الاشارة التالية واقفة .. تسئلهم عن خطتهم القادمة .. تجيبهم الاخرى عن رغبتها في تلقيني درسا لا ينسى .. يعلمني حقيقة التعامل مع معطيات الواقع العادلة ..
تسائلت من خلف الجدار عمن تقصد بها بالعادلة .. هل هي الحياة الغير راغبة في امهالي فرصة اثبت بها امكانياتي العالية .. ؟
انبثقت في الزاوية المحاصرة هناك الاشارة الاكثر ضعفا .. سألتهم الرحمة في حالي .. و التعطف مع انكساراتي .. و الابتعاد عن التدخل في كل امر لا يستجلب الا عدم الوثوق بقناعاتي !
لــ يشيروا بأصابعهم الظالمة عليها .. و يدعونها الى عدم الحديث بما لا تدرك به شيئا !
قالوا لها .. هناك اقدار ترتسم .. لا ترضى بقليل من الصبر حتى تأتي بالفرج .. و هي لا تعرف معنى الصبر .. ولا قيمة الفرج .. كيف لها ان تظفر بالكثير .. مقابل جهد بسيط لم تعرف به كلل ؟
اسندت ظهري على ذلك الزقاق .. افكر في كلام الاشارات .. هل انا نافذة الصبر فعلا ؟ هل هما وحدهما من يتدخلن في شكل اقداري و يأتوني بالرفض المتكرر ليبلغوني رسالتهم ؟
حملت نفسي راغبة في الهروب .. لم ارى .. الا و قد اجتمعن حولي .. من كل حدب و صوب .. بيد الاولى سياط و الاخرى سكين .. و الكسيرة .. بــ بصبر .. و تأني .. و سدود !!
قالت لي .. ان لم تمهل الصبر مكانته .. فلن تعرف قيمة الامل ..
و ان لم تمنح الصبر قدسيته .. فلن تدرك حقيقة الاجل ..
و ان لم ترهق نفسك بعذابات الحياة .. و تعب السعي .. و شجاعة الغفران .. آمني بأن حياتك سيؤطرها الحصار .. كما نفعل نحن الان .. بهذه الحلقة .. بهذا السدود .. !