الأربعاء، 20 أبريل 2011

صـــديقتي تــتزوج

كانت من نوع الفتيات الطيبات اللاتي يحملن في ملامحهن صبغة من النضج والخلق العظيم، كما كانت وبالإضافة الى مميزاتها الكثيرة ذكية، جميلة العقل، لا نراها إلا في المركز الأول في كل حفل من حفلات التفوق التي تكرم به المدرسة طالباتها الفائقات.
ومع هذا، وعند سؤالها عن أي تخطيط مستقبلي نراها وقد إفترشت ذات المخطط التقليدي، معدل عالي، جامعة، ومن ثم الزواج من إبن الحلال وبناء إسرة جميلة تكون بها وزوجها، أولياء أمور جيدين لا يوفران إلا المناخ الجيد والتربية السليمة لأبنائهم المستقبليين.
في أُثناء أوقات الفراغ كنا لا ننفك الحديث عن الحب ووجوده في وقتٍ مكلف كهذا، وكانت لا تتوانى من إخباري عن إبن الجيران الذي تراه على الدوام يقف عند منزله والذي ينتظر قدوم باص مدرستها ويطمأن على عودتها، قبل أن يشرع الدخول الى بيته وفي قلبه تتراقص طيور حبٍ من رؤية الفتاة التي تشي عينيه بأنه يحبها حباً جماً
نتحدث عن مستقبلنا البعيد، وعن الحياة الكريمة التي تنذرها الإيام لنا، عن أسماء ومواصفات الرجال الذين نتمنى الإرتباط بهم، عن نظرتنا للحب ومشتقاته وأحاسيسه ودواماته، عن المفاجآت التي نخطط عليها منذ لحظتنا تلك والتي نرغب فعلاً في تطبيقها مع هذا الرجل المستقبلي القادم لا محال.
كانت رومانسية الى حدٍ مخيف، كما لو كانت ستخر سقوطاً على الأرض بمجرد أن يخبرها أحدهم "أنتِ جميلة" كنت أخاف عليها جداً من أن تصدم بواقع الشباب، هذا الواقع الذي سيدمر لها شعور الرومانسية والعاطفة التي تختزله مشاعرها النقية، ذلك الواقع الذي لن يوفر لها قصص كالتي تحدث في الأفلام والتي تبكي على أحداثها يومين متواصلين مثيلة: a walk to remember, notebook, ma7abetain, anjamaa anjamee  

كبرت صديقتي، وإنخرطت في أجواء الجامعة التي صعقت من حدتها وجديتها والتي تختلف كلياً عن الحياة التي آلفتها في الثانوية، هناك فتيات جريئات، متبرجات، لا يحملون الحياء من الحديث مع الدكاترة بأسلوباً يفتقر للأدب والذوق ورفعة الأخلاق، كما كان هناك شباب، رأت بداخلهم "تصابي" رغم ظاهرهم الجدي والمكتنز لــ كثير من الرجولة الظاهرية.
رغم سنواتها الأربع هناك، كانت وفي كل حديث تخبرني عما كان هناك من مشروع خطبة أو زواج قريب، كنت أجيبها بأن أوضاعي تختلف، وفتاة مثلي قد شق القدر طريقه بطريقها، لا تفكر بالزواج بقدر ما تطمح أن تكون سيدة ذات تأثير إيجابي وعالي في المجتمع، والتي تعمل على موضوع كهذا وتجتهد به كثيرا، كانت ترى إن الطموح وإن علا لابد عليه أن لا يزيج فكرة الزواج عن المرأة في مجتماعتنا الشرقية، وإن العلم والطموح والمعرفة هي أدوات تستخدمها المرأة لــ تحظى بفرص زواج مميزة، ومع محاولاتي الكثيرة لإقناعها بنظرتي التي تختلف كلياً عن فكرتها، كانت لا تزال تصر على فكرة كــ فكرتها.

-          المرأة العربية مظلومة في جميع الميادين وهي وإن كانت ناجحة، يظل يراها المجتمع جريئة بــ تصرفاتها وجرأة مثيلة غير مقبولة لدينا وبذلك هي تخسر العديد من فرص الزواج !

-          الرجل الذي يرى إن المرأة عار بمجرد إن كافحت لأجل أن تأثر التأُثير الإيجابي بالمجتمع، فــ هو رجل يحتاج الى إعادة فكر وأهلية

-          نحن عرب، ورجالنا شرقيون ذات تفكير شرقي متزمت

-          والمرأة العربية اليوم لم ولن تتنازل عن شرقيتها، وهي وإن فكرت بالتفوق والتميز لا تمارس الى حقها

-          دعينا نفض هذا النقاش "لكم دينكم ولي دين"

ونختم حواراتنا الدائمة بنقطة إختلاف هائلة، نتفق فيها على إننا صديقات لا يفرق بيننا شيء.

وجدت رسالة منها على سطح هاتفي، تخبرني فيها عن توقعاتي للخبر الذي جائت به، وعند إنسحابي من إبداء أي رأي أو محاولة لــ شوقي الكبير لمعرفته قالت:
-          إنخطبت وزواجي في نهاية الشهر
-          إبن الجيران؟
- لا .. فقط تزوج منذ شروعي الجامعة !
اليوم، أنا أسأل نفسي، هل إبن الجيران كان يحب بها طفلة الثانوية البريئة ونفر من فكرة طالبة الجامعة الذكية، هل مارس هو شرقيته التي رفضت أن يكون أقل "شهادة" وعلم من الفتاة التي حلم بها كثيرا؟



الأحد، 17 أبريل 2011

تويتر أكثر من كونه "ويص ويص ويص"

قبل أن يتفشى الوجود الفعلي لــ موقع تويتر بين الناس، وقبل أن يتهاتف عليه هذا الكم الهائل من المشتركين من مختلف الأعمار والأجناس، كنت قد علمت بوجوده من خلاله أحد البرامج الأمريكية المعنية بأخبار فنانين هوليوود والذي كان يخصص فقرة منفصلة من وقته، يغطي بها أقاويل وكلمات المشاهير في موقع المغرد وما يأتون به من أمور شخصية تمس حياتهم.
لم أقتنع كثيراً حينها، خاصة من بعد ما سألت ذاتي هذا السؤال " ما الذي سأتحدث بشأنه في مساحة ضيقة محاصرة بعدد محدد من الحروف " ؟ وأمرا آخر، هو لأني أملك عدد من الإشتراكات في مواقع الكترونية مميزة إرتأيت إنها قد تغنيني فعلاً عن تواجد جديد في العالم الأكتروني الكاسح.
إلا أن أتى ذلك اليوم الذي بلغني فيه حوار ثلاثة فتيات " في الأفنيوز"  كن قد إتفقن المجئ الى السينما خلال هذا الموقع واللاتي لم يحتجن الى أية تأكيد تلفوني بعد ذلك على هذا القدوم، وما زاد بي الحماس حديثهم الذي أستمر الى ما يقارب الخمسة عشرة دقيقة عن أعماق " السايت، ومدرود قال، وأصايل كتبت" !

لــ تنهال علي من فورها فكرة زيارته للتثقف أكثر عن هذا الموقع الذي لا يحمل في موجبه الا ميزة واحدة تقريبا، "كتابة ما يأتي على لسانك في أقل من 140 حرف" فتحت الموقع ودونت إيميلي ورموز سرية خاصة بي، لأجدني بعد أن بلغني إيميل يبشرني بأن الحساب قد تفَعل، أتفرس شاشة الحاسب بكل جوارحي في رغبة صادقة لأعرف وأعي "شــ سوي الحين؟" !

إنهلت باللحقاق  بداية على عدد من المحطات التلفزيونية والإذاعية ،  وعلى أسماء كثيرة من أشهر الإعلاميين والكتاب، و على الحسابات المعنية بالمدونين العرب،  لأدرك من خلالهم "الطبخة" التي تقودني الى فهم هذا العالم الشاسح الضيق – إن صح التعبير_ وإستفهام مداركه.

مرت الأيام سريعا، لتبدأ قطاعة فعلية بيني وبين موقع الفيس بوك الذي وجدته – فجأة – غير مسلي أبدا من بعد ما كنت أنقر دخولا إليه في الخمسة دقائق الواحدة، ما يقارب الثنتي عشر مرة رغم معرفتي بأن شيئا لم يتغير هناك.

إزدادت ساعات مكوثي على موقع التويتر، أقرأ ما يأتي به المغردين من حكايا وقناعات، بتحفظ مني على عدم التعليق على أحدهم، حتى أثبت وجودي أولاً من بينهم، وأفهم سر المتعة الذي بدأت تتسلل إلي منه.

والآن من بعد ما مرت علي قرابة الستة شهور في الموقع، بدأت أسأل نفسي فعلا، "كيف هي الحياة دون وجودك يا تويتر" هذا العالم المؤلف من أحرف لا تتعدى المعقول قد ساهم في تغيير الكثير من القناعات المتعلقة بالحياة، من خلال دكاترة ومحاضرين التنمية البشرية، قد أقحمني في الوجود السياسي بمفاهيمه الصحيحة، قد قربني من الكثير من المشاهير الى حد مسافة خيالية لا تتعدى الدقيقتين، الأولى أرسل بها سؤالاً والأخرى أتلقى بها الجواب السريع، تويتر منح لي الفرصة لــ تكوين صداقات عديدة جميلة، قد ساهم في إزدياد القرب بيني وبين الصديقات وتعمق الفهم بيننا، تويتر عرى أمامي توجهات البعض وأفكارهم الخاصة، بالإضافة الى التواجد الفعلي في متغيرات العالم من خلال نافذة صغيرة لا تتعدى مساحتها بضعة سنتيمترات !

ساعدني هذا الطائر الأزرق الرقيق في منحي الكثير من الفرص الجميلة، التي كافحت من أجلها سابقا كثيرا، موقع تويتر هو ذاك الموقع الذي تكون خلاله في مجابهة فعلية مع العالم وأنت في منزلك !

ومني الى كل من يجهل هذا الوجود، أن يسارع في إقتحامه حتى لا يأتيه في وقت، قد تسلل إليه الملل وأصبح "مليق" !