عند الغداء .. و قبل ان تتسلل اصابعنا المتلهفة على اطباق المأكولات اللذيذة .. الايطالية و الكويتية – البحنة – صاحت اختي بقانون اقتراح .. تتمحور فكرته على – سفرة – قريبة – سبيشل – الى احد الدول التي لم نزرها الى الان .. و التي سمعنا عنها الكثير – من الحجي الطيب -
تخشبت الاصابع المتلهفة .. و بدأت تتراجع الى الخلف شيئا فشيئا .. بعد ان دب في الجو ما يثير الاهتمام و المتعة حقا .. – غير الاكل -
في ظرف ايام قصيرة .. وجدت العائلة نفسها في مطار الكويت الدولي .. تشحن حقائبها .. و تختم جوازاتها و تنتظر نداء الرحلة التي راهن كل من بها على نجاحها .. و جموحها عن اي رحلة سابقة .. و قادمة !
و بينما كنا نجلس مجتمعين في احدى – الكافيهات - .. سألتني والدتي عن رغبتها في الدخول الى دورة المياه قبل ان نركب الطائرة .. و ذهبنا .. كنت احاول التركيز في وجودي في هذا العالم .. ما ان كان في مطار الكويت حقا ؟ ام في – حوش – بيت عربي قديم ؟ كــ كويتية شعرت بالحرج فعلا .. الحوائط المتآكلة .. الارضيات المتسخة .. علبة الصابون التي كانت بقدرة قادر حكيم .. في كوب زجاجي ملقى باهمال على رخام المغاسل .. المجفف الكهربائي البدائي من العصور ليس الحجرية .. بل زمنا .. لم اشهد لا انا عليه .. و لا جداتي .. حيث مقبض المجفف الموصول – بــ بلاك – في الحائط و مولعا .. بــ لمبة حمراء ! – شخبااري - ؟
و مع كل هذا .. تذمرات اتت على لسان والدتي فور خروجها لأسباب لم ارد ان اتدخل بها .. – فالمظهر الخارجي يدل على ما تخفيه التفاصيل العقيمة !
فارق .. لا يختلف عليه احد .. شعرنا به فور وصولنا مطار شرم الشيخ .. صحيح ان اللون الزهري كان طاغ بشكل مبالغ فيه .. كما لو اننا في كيس لحلويات طفل .. مشاكس .. لا هاديء .. الا ان المطار كان يبعث على الراحة و الاطمئنان بصورة اكبر من ما رأيناها في مطارنا ..
المقاهي الايطالية المزهرة هناك .. المأكولات الشهية التي تقدمها مطاعهم و التي لم نرى مثيلا لها في الكويت – مع الاسف – انشراح المسافات .. و حضارة مقاعدهم و ترتيبها .. الوجود السمحة .. و الابتسامات المشرقة التي تعتلي وجوه الموظفين هناك .. مساء الخير تذهب .. و صباح الفل تجيء .. كل شيء كان يخنقني الى حد الوجع من عدم وجود تلك الامور في دولتنا .. التي ندمنها حد .. الموت !
حتى دورات المياه .. كانت مريحة .. المياه التي تذرف من المغاسل اتوماتيكيا فور ان امرر يدي عليها .. و الصابون ذو رائحة الفراولة الجميلة .. و الذي سرعان ما تحول – الى رغوة تخدر – بمجرد تحريك يدي بشكل دائري ..
و تذكرت الكويت .. و اطلقت زفرة ..
اخذ تاكسي المطار يمررنا بالشوارع زاهية الالوان و الاضاءة .. و التي جعلت المفاجأة تشل عقلي من الفارق العظيم بينها و بين بساطة القاهرة .. و شعبيتها المحببة .. كما لو كانت شرم .. جزيرة لا تمت بصلة بالموطن الذي يأتي منه مواطنون القاهرة انفسهم .. و لا يتحدثون باللغة ذاتها .. كانت مختلفة جدا على نحو غريب جدا ..
حتى تمنى لنا رحلة طيبة .. و سلام و ئام .. بعد ان اوقف سيارته عند مدخل الفندق ..
كان جميلا كأغلب الفنادق و واسعا .. كمعظم الهوتيلات !! .. لكن اكثر ما اثار انتباهي به .. كان حمام السباحة .. حيث امتدت مساحته الى ما بعد جارنا السابع ان انا قارنته في – فريج بيتنا - .. حيث ان زرقته و لئلأته اللامعة .. اذهبت عقلي الى الحد الذي اراد بي ان اهرول الى هناك .. و اقفز قفزة تأخذني الى قاعه .. !
الجسور الخشبية الرائعة التي ارتسمت كجزء من الديكور .. و الاطارات الصخرية التي تنبعث منه شلالات – مصنوعة – و التي زادته سحرا و جمالا .. كلها كانت اسباب لتدخل الشيطان في عقلي .. و الذي لم يريحني قط من الوسوسة لأن اقذف نفسي في قاعه بأي لحظة كانت .. و ان كانت درجة الحرارة 20 و انتعل ال – بوت – في رجلي ..
اخبرنا – رجل الاستعلامات – عن رغبتنا في المشاركة بأي من الرحلات هنا .. و ارشدنا على العديد من المكاتب السياحية التي ترتب مثل تلك الرحلات .. سواء كانت برية او بحرية ..
فجائت اولى وجهاتنا .. الى رحلة .. العشاء البدوي .. حيث الاهوال التي انتظرتنا .. و جعلتنا ضحية كلب عابث .. رغب ان ينهشني و بقية عائلتي !
يتبع ..